حينما سألتني-أجبتها

سألتني عن الحب ! فقالت لي : هل أحببت من قبل ؟ هل تعرف الحب من قبل ؟
فأجبتها يا صغيرتي : وهل عرفتي أنت الحب ؟ أو سمعتي عنه سمعاً ؟
فقالت لي : لقد أحببت ، فقلت لها : وكيف أحببت ؟ قالت : أحببته بطلعته البهية ، وشكله ومشيه بروية ، وكلامه وحركته ويده الزكية ، وصارحني بحبه فوراً وتبادلناه بشهية .
فقلت لها منتفضاً : كلا والله ليس هذا بحب ، لا كيف تسمين هذا حب ، هذا شيء آخر وليس بحب ، ابحثي عن اسم آخر وابعدي اسم الحب عن ما قلت .
فنظرت إليّ وقالت : كيف ليس حب ؟ قلت لها : لا تسأليني عن الحب لأنك لم تحسي به أولاً ، فالحب يا صغيرتي شعور جميل لا يتذوقه إلا العاشقين ، ولا يعرف طعمه إلا الذين عاشوا حلاوته .
الحب يا صغيرتي احساس جميل بانك قد وجدت ضالة تبحث عنها منذ زمن طويل دون أن يهديك أحد إليها ، فصادف وجودها مع كسر باب قلب مقفل فدخلته الضالة بعنف ، وشعر بها القلب قبل أي عضو آخر مبتسماً فرحاً بها يكاد يخرج من بين ضلوعك من شدة الفرح ، وبعد أن تمض اللحظات لا تفكر إلا بها ، ولا تتخيل نفسك في الحياة إلا وهي إلى جانبك ، وإذا غابت عنك اسودت الدنيا في وجهك ، وإذا غابت عنك شعرت بأنك تفقد جوانح نفسك وتضيق بك الحياة ، وهذه حالك لا تتغير أبداً ، هذا هو الحب ، فأين أنت منه ؟
فنظرت إليّ مذهولة لما سمعته مني ، ولم تستطع النطق أو الكلام ، بل ظلت تنظر إليّ وتكاد عينيها تخرج من بين جفنيها ، وفجأة انتبهت لحالها وقالت : ياه كم كنت تعشق حبيبتك ، كم كنت عاشق ولهان بمحبوبتك ، لم اتخيل أبداً أن هناك من يعشق مثلك ، ثم قالت : هل التي تحبها أحبتك مثل حبك لها ؟ هل هي بادلتك نفس الشعور وعشتما قصة حبكما معاً ؟
هنا تسمرت الكلمات في حلقي ، وعجز اللسان عن النطق ، وأبت الحروف أن تتدحرج وتخرج كاملة ، فلم استطع التفوه بأي كلمة برهة من الزمن ، ثم تمالكت نفسي وقلت لها : يا صغيرتي أنسي الموضوع ، لا داعي للكلام ، وانزلت عيني في الأرض وشبكت يدي ببعضهما ، وابتعدت عنها وأنا أقول لا بأس ، الحمد لله على كل حال ، وتركتها هرباً منها لعلها تكتشف الحقيقة المرة ، فنظرت ورائي إليها وهي تنظر إليّ متعجبة مني وأنا أقول لها مع السلامة ، وانتهى اللقاء.
ترى هل لو سألتني مرة أخرى استطيع أن أقول لها نفس الكلام - لا أظن - فقررت الابتعاد عنها نهائياً وعدم قبول أي سؤال منها أبداً .
هذا ما حدث .